سكر حياتي.....

سُكَّر حياتي
كتبتها الواثقة بالله في رواء الأدب

مساء .. عندما يخبو الضجيج و يخلد الصغار لفرشهم بكل استسلام بعد عراك لذيذ يستنفذون به بقايا الطاقة التي تلفظ أنفاسها !!

يعم الهدوء .. و تطفئ أنوار الغرف ..

خلا مصباح نيون في صالة المنزل يرسل ضوءه الخافت في سكون كما القمر .. يشعرك بإسترخاءٍ يجعل لحظك في ذبول ..

و هناك على تلك الأريكة البندقية اللون المخملية الملمس يجلس أحمد يقلب كتابا ريثما آتيه ..

فيضعه جانبا في حنو ، و كأنه لا يريد أن يزاحم حضوري أي أحد !!

فوحدها تلك اللحظات التي يظفر بها مني مع تجاذب الأبناء و العمل ساعات يومي ..



ينتظر تلك اللحظات ليتنفس أو ينفس .. كلاهما سواء !! فمن يحمل هموما و شواغلا لا يكاد يشعر أنه يتنفس حتى ينفس !!

و لا أكذب إن قلت إن صدري ينشرح عندما يبث لي حديثه و همه رغم ما يشوبه من حزن ، إلا أن شعورك أنك تخفف من أحد أو تحمل عنه، يجعل ثمة قوة غريبة تسري في روحك تجعلك تتعالى على همومك و تمنح مددا ليتسع صدرك و قلبك أكثر و أكثر لمزيد من العطاء و الإحتواء ..

و أعتدت عندما أقدم عليه أن لا آتي خالية اليدين ، بل أحمل إبريقا من الشاي (السكر زيادة ) كما يحبه أحمد



ليضيف على حلاوة اللقاء حلاوة و ليعطيه مزيد طاقة يقاوم بها النوم الذي يغالبه حتى يمارس السمر مع رفيقة دربه التي ينيخ أمام قلبها مطاياه ..


أيه .. يا أحمد ..

اليوم .. ليس ككل يوم ..!!

فقد حدث تغير جذري في ذلك الشراب و حرمت حبيبات السكر الظفر به فصار مرا علقما ، بعد ارتفاع

السكرالذي باغتك حين غرة أثناء عملك حتى فقدت الوعي لتحيلك في عداد مرضى السكر المزمن ..

***
جلست بقربه .. و فكره شارد و نظراته حائرة .. حتى خلته لا يشعر بي !!

سكبت الشاي له .. لكن ( مر زيادة ) على غير العادة ..

أمسك بكوبه .. و أرتشف رشفة منه على مضض تغيرت منها ملامح وجه و انعقد حاجابها ..

و في عجب راح يرقبني و أنا أسكب الشاي في كوبي دون أن أضيف شيئا من السكر !!

جلست على الأريكة باسترخاء.. و أنا أقبض على قدحي الدافئ ..و بهدوء .. أخذت أحتسيه بإنتشاء !!

و عيناه الضيقة تزداد اتساعا و هو يرمقني فاغرا فاه !!

أمال رأسه قابضا لحيته متسائلا ..

كتمت ابتسامة على شفتي اهتزت منها أرنبة أنفي ..

و همست :

"
شاركتك حلو الشراب ..

ألا أشاركك مرارته "


___________________
كتب ليلة الأثنين غرة صفر من عام 1433ه
و نشرت الثلاثاء غرة ربيع الأول