السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
* الشعور بعدم الثقة بالآخرين من حولنا، أو عدم قدرتنا على أعطاء الثقة الكاملة لأحد من حولنا، قد يكون له مبرراته حيث قد يقول الشخص ( لقد جربت ذلك عدة مرات ولكن دون فائدة... أو لا أجد من هو أهل لهذه الثقة... كيف يمكنني ذلك لا أستطيع )، ورغم ما نقوله من مبررات تبدو في مظهرها مقنعة، لكننا يجب أن نعترف أن عدم قدرتنا على إيجاد الشخص الأهل لثقتنا هي مشكلة بحد ذاتها، فنحن بحاجة لهذا الشخص أشد الاحتياج...
* لو نظرنا للعبارات التي يمكن أن نكررها حيث نتحدث عن موضوع الثقة بالآخرين نحو ( لا يمكن أعطاء الثقة لأحد... أو لا يوجد هناك أشخاص يستحقون هذه الثقة... أو لا يوجد هناك أي شخص أهل لهذه الثقة)، فجميعها عبارات تعميمية إذا ما قورنت حسب نظرية ( اليس – النظرية المعرفية العقلانية )، تعد ضمن الأفكار اللاعقلانية أو غير المنطقية، وهي بالتالي أفكار خطأ بنسبة 100% كيف ذلك؟
- أولاً لا يجور التعميم في خواص الأمور، حيث لا يمكننا وصف جميع الناس بأنهم أمناء كما لا يمكننا وصفهم بعكس ذلك، وأيضاً لا يمكننا وصف جميع الناس بأنهم أذكياء كما لا يمكننا وصفهم بعكس ذلك، وبالتالي لا يمكننا وصف جميع الناس بأنهم أهل لثقتنا كما لا يمكننا أيضاً وصفهم بعكس ذلك...
- لذا علينا أن نعي جيداً أنه يوجد دائماً هناك أشخاص أهل لثقتنا، ولكننا قد نجد صعوبة في البحث عنهم أو إيجادهم وتحديدهم وبالتالي تجريب ذلك فعلياً.
- وهذا هو بيت القصيد، فنحن نحكم مسبقاً ( أنه لا يمكننا أن نعطي الثقة لأحد )، بالرغم أننا لم نجرب ذلك فعليا، أو قد نكون قد قمنا بذلك فعلياً ولكننا فشلنا لنعمم بعد ذلك أنه لا يمكن تكرار ذلك مع شخص آخر، والفشل هنا ليس فيهم هم بل في قدرتنا على الاختيار المناسب لمن نعطيه الثقة فلو كان اختيارنا سلميا لما واجهنا مشكلة وكانت النتائج أكثر ايجابية، فلا يمكن قياس الشخص الذي نعطيه ثقتنا بدرجة قرابته لنا أو منا، بل المعيار هنا هو درجة علاقته بنا ودرجة تحمل لتلك المسؤولية والمحافظة عليها فقد يكون صديق أو زميل أو حتى جار لنا.
* بقي لنا أن نتحدث عن: كيف يمكننا الاختيار السليم للشخص الأهل لثقتنا؟؟؟
- علينا بالبداية عدم التسرع في الحكم أو التعميم في الأمور، سواء بحكمنا على الشخص أنه أهل لذلك أم لا.
- من خلال خبرتنا الشخصية وعلاقتنا الاجتماعية بهذا الشخص، حيث يمكننا تحديد صفاته ومميزاته وطريقته في التعامل وملامح شخصيته ويحدث هذا عادة بمرور الزمن على علاقتنا معه، فلو كان مثلا هذا الشخص يحافظ على أسرار الغير أمامنا ولا يبوح بها في أصعب الأمور فيمكننا الحكم بالطبع أنه سيحافظ على أسرارنا نحن أمام الآخرين عند الحديث معهم.
- كذلك يمكننا الأخذ بعين الاعتبار عدة أمور بهذا الشخص نحو: هل هو متعلم أم لا؟ هل لدية خبرة بالحياة أم لا؟ كم عمره الزمني هل يتناسب بأن يكون صديقنا وتربطنا به علاقة قوامها الثقة الأبدية أم لا؟ هل هو شخص واعٍ أم لا؟
- ومن الأمور الهامة في اختيارنا للشخص الأهل لثقتنا، هو التزامه الديني والأخلاقي، فهذا كفيل بأن يجعله شخص مؤهل لأن نعطيه ثقتنا ونبوح أمام بكل أسرارنا وهمومنا وأحزاننا...
- وبالنهاية أذكركم بحديث الرسول ( صلى الله عيه وسلم ): " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "...
اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين