ام سجود شخصية هامة
عدد المساهمات : 754 نقاط : 1254
السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 09/12/2011
الأوسمة : .. :
| موضوع: الام وتربية الاولاد السبت 28 يناير 2012, 7:51 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأم و تربية الأولاد
بقلم الدكتورة لينا الحمصي
كانت الأم تحدّث أولادها حديث المساء, كما اعتادت أن تفعل كل يوم, حين تجلس مع صغارها وهم مضطجعون في أسرّتهم, تنادمهم وتسامرهم, وتبث إليهم نصائحها من خلال قصص رائعة من التاريخ الإسلامي, عن أطفال في مثل أعمارهم...
وكثيراً ما كانت تخترع قصصاً من بنات أفكارها, تستلهمها من تصرفات أولادها اليومية, في المدرسة والبيت, ومع بعضهم البعض..
توجههم عن طريق هذه القصص توجيهاً غير مباشر, ولو رأيت الأولاد وهم ينصتون إلى حديث أمهم العذب, وقد تسمرت عيونهم, وارتسمت ابتسامة الرضا والسرور على وجوههم, وكثيراً ما كانوا يغضون الطرف ويطرقون برؤوسهم خجلاً من بعض الأحداث, وكأنهم أدركوا أن أمهم تقصدهم من طرف خفي... ولكن الوضع هذا المساء بدا مختلفاً بعض الشيء, وذلك أنها لم تكد تنتهي قصتها عن الصدق والأمانة حتى راحت ابنتها الصغيرة ذات خمسة الأعوام, تكشف لأمها عن أشياء لم تكن لتفشيها لولا هذه القصة... فقالت ببراءة :
أمي أنا كذبت على رفيقتي, وقلت لها:أبي شرطي..., وأخذت من شنطة رفيقتي خمس ليرات...
وتملكت الأم الدهشة, فقد كانت تتصور نفسها توجه ابنها البالغ من العمر عشر سنوات, عن طريق هذه القصة, ولم يكن يخطر ببالها أن ابنتها الصغرى بحاجة أيضاً إلى هذه التوجيهات, فقد كانت تستبعد أن يصدر عنها بعد أي خطأ من هذه الأخطاء...، وكأنها لم تدرك بعد أن الأولاد في زماننا هذا يشبّون قبل أوان الشباب...
وتذكرت الأم عند ذاك ابنها حين كان له من العمر أربع سنوات, كيف كان يعتبر توبيخها له أو ضربها إياه نوعاً من الكره والبغضاء, وكان لا يفتأ يهددها ويتوعدها بأن يشكوها إلى أبيه الذي يحبه ويدلّله
وأمره عنده مستجاب مطاع, لايقبل التأخير أو النقاش...
أجل تذكرت كيف عالجت هذه المشكلة بقصة مخترعة ألهمها الله إياها, كانت المفصل الحاسم, الذي قلب حياته رأساً على عقب, وفصل بين حياته قبل هذه القصة وحياته بعدها, إلى شقين متناقضين لا يجتمعان.
كانت القصة تتحدث عن ولدين لعائلتين مختلفتين, الأولى تكثر من تدليل ولدها المسمى سرحان لدرجة الإفساد, فلا ضرب ولا توبيخ ولا توجيه, بل كل ما يطلبه يجاب إليه من غير تردد أو انتظار...
والأخرى حازمة في تربيتها لولدها فهيم, لدرجة معقولة ما بين توجيه وتوبيخ, وإلا فالضرب اليسير آخر العلاج...
وكانت النتيجة فشل الولد المدلل سرحان في جميع مراحل حياته, في المدرسة, مع الأصدقاء, في عمله مع زوجته وأولاده.. وكثيراً ما كان يعاتب والديه ملقياً عليهما باللوم, إذ هما في رأيه سبب كل ما فيه من بلاء وشقاء..., فلو أنهما أخذا على يديه وهو صغير لما كان هذا حاله وهو كبير...
أما الولد الثاني فهيم الذي كان والداه حازمين في تربيته, فإن النجاح كان حليفه في كل مراحل حياته, الأمر الذي حدا به أن يقبّل يدي والديه صباح مساء, شاكراً لهما حسن تربيتهما ورعايتهما وتوجيههما,عازياً إليهما سر نجاحه في هذه الحياة...
لم تستغرق هذه القصة من الأم وقتاً في روايتها أكثر من عشر دقائق معدودات, ولكن أثرها انطبع في نفس طفلها عمره كله .
وبدا هذا الأثر يظهر بعد يوم من القصة, حين ذهبت الأم بصحبة ابنها وزوجها إلى بيت العائلة, وهناك أساء هذا الولد التصرف, فجذبته أمه بانزعاج, فبكى الولد وهو يتفلت منها ويصيح: أنا أعرف بدك تضربيني.
وهناك أجابت متظاهرة باللامبالاة: لا يا حبيبي أنا لن أضربك, أنا أم سرحان...
وأم سرحان هذه هو اللقب الذي أطلقته الأم على تلك المرأة التي لم تحسن تربية ولدها حتى كان نصيبه من حياته الفشل والتعاسة .
وهنا حدث مالم يكن بالحسبان, إذ ما إن أتمت الأم عبارتها هذه, حتى علا صوته بالصراخ والبكاء أكثر فأكثر, وبالطبع هرع الأب المدلِّل إلى ولده المدلَّل, يريد إنقاذه من براثن أمه كما كان يظن, ولكنه فوجئ بالولد يصيح بأبيه: (خلّ أمي تضربني وتربيني... أنا ما بدي كون سرحان.. ولا أمي تكون أم سرحان...)
ومنذ ذاك الوقت تبدلت العلاقة جذرياً بين الولد وأمه.., وأصبح يدرك أن وراء صرامة أمه في بعض الأحيان فائدة له, وإذا ما تدخل والده يوماً ليمنع الأم من تأديبه, أو ليوبخها على تأنيبه... كان يقول له بجراءة الأطفال وعفويتهم : (أبي لا تمنع أمي , هي تربيني...)
ولاحت بذاكرتها كيف خاصمت ابنها يوماً, فأراد أن ينام غير مبال برضاها ولا بسخطها وكيف عالجت هذه المشكلة بقصة بسيطة عن البر والعقوق, وعاقبة كل منهما, الأمر الذي جعل من ولدها لا تغفو له عين ولا يرقأ له جفن وأمه عاتبة عليه مجافية له, ومن وقتها أصبح يحرص على رضاها, ويبذل جهده في برها... حتى أنها يوماً من الأيام خاصمته بسبب ذنب بدر منه, فطلب إليها أن تضربه بدلاً من الخصام... , ولكنها أجابته بصرامة: إن الحمار هو الذي يضرب وليس الإنسان...
فأجابها باكياً متضرعاً: إذاً اعتبريني حماراً..., واضربيني ولكن لا تخاصميني.
ما أروعها من مشاعر لا تشيخ ولا تهرم ولا تموت, بل تتأصل جذورها على مرّ الأيام لتضفي على علاقة الولد بوالده علاقة أبدية من الحب والاحترام والتفاني والإخلاص..
بذرتها الأولى كانت قصصاً واقعية أو خيالية هادفة, زرعت في نفوس هؤلاء الأولاد أرضية خصبة, صارت مع الأيام دوحة وارفة الظل .
ويالها من علاقة رائعة حين يكون أساسها الصدق والصراحة, فيستجيب الولد لنصائح أبوه لا خوفاً منهما بل خوفاً على رضاهما... ذاك أن الخوف من الأبوين يجعل الولد ذا وجهين, يطيع والده إذا ما رأياه وشاهداه , ويفعل ما يحلو له إذا غابا عنه... .
وأذكر مرة أني قفلت التلفاز عن طريق جهاز التشغيل الصغير المسمى بالرمونت كونترول, بعد مشاورة مع ولدي ذي التسع سنوات, أقنعته فيها أن ما يشاهده في التلفاز من برامج الأطفال التي لا تنتهي من الصباح إلى المساء مضيعة للوقت, وإنني بقفل التلفاز أعينه على شيطانه, الذي لن يدعه يهتم بواجباته المدرسية ولا بنشاطاته الإيجابية, وقبل الولد على مضد,فقفلت التلفاز من الريمونت كونترول, وذهبت.. ولكنني ما إن وصلت إلى السيارة حتى سمعت صوت ابني ينادي بكل ما أوتي من قوة : أمي أمي..
فعدت أدراجي غاضبة, أتمتم, فأنا على عجلة من أمري, وهو يعلم ذلك, وينبغي عليه ألا يناديني لأي سبب كان. . وما إن وصلت المنزل حتى ضحكت في سرّي مسرورة, حين رأيته يقف على باب المنزل وبيده الريمونت كونترول, وهو يقول : أمي لقد نسيتي الريمونت كونترول. .
ولكم شكرت الله حينها أن وفقني إلى هذه العلاقة الرائعة بيني وبين ابني.. وازدادت قناعتي يومها أن ما بني على الحب والقناعة لا يغيره شيء, وأن ما بني على الخوف لا يلبث أن يضمحل ويتلاشى بتلاشي الخوف والإحساس بالأمان والبعد عن الأنظار...
إن مما يرثى له أن نرى اليوم بعض الشقة بين الأولاد وآبائهم تزداد وتتفاقم يوماً فيوماً.. الأم مشغولة بأمور المنزل, والأب مستغرق في جمع المال, وكل هذا بالطبع من أجل الأولاد...وإذا ما أفلح واحد من الطرفين في الاهتمام بمشاكل الأولاد, كانت النتيجة كما يقال : زاد الطين بلّة . ذلك لأنه لا يعرف من التوجيه سوى الضرب والشتم والتوبيخ, وكأن هذا هو وحده طريق التربية السليم.. ويجهل أن هذا الأسلوب في التربية, قلما ينجح مع الأولاد الصغار, فكيف إذاً بالأولاد إذا كبروا وصاروا شباباً ..؟
وكما يقول المثل : إن كبر ابنك خاويه..
والمؤاخاة مع الأولاد حين يكبرون تكون بحسن التوجيه وحلاوة الخطاب..., ومن ثم ترك الحرية للولد ليختار, على أن يوجه في اختياره بشكل غير مباشر, عن طريق إظهار الإيجابيات والسلبيات؟,
فإن صدف واختار الولد ضد ما يختاره أبوه, أو ما تشتهيه أمه _ وكثيراً ما يحدث _ كان على الوالدين, أن يعالجا هذا بحكمة بالغة, وبصبر وتأنّ, وليكثرا من الأمثلة الواقعية لأناس يعرفونهم, باؤوا بالفشل, لأنهم سلكوا مثل هذا الطريق... وليضعا نصيب أعينهما, أن ما يساق إليه الولد جبراً, لا يفلح فيه, فضلاً عن أنه سيفعل في الخفاء ما يحلو له, هذا إن استجاب لرغبة والده رغماً عنه... وإلا فإن الكثير من الشباب والشابات يكسرون طوق المألوف عند ذاك, ويتمردون على آبائهم علناً صراحاً بواحاً, لا يهمهم إن رضي والدوهم أو غضبوا, وعندها لا ينفع الندم, ولا يفيد البكاء, وتكون خسارة كبيرة للولد نفسه ولوالديه, لتؤول في النهاية إلى خسارة للمجتمع بأكمله. .
وقد شهدت مرة بأم عيني حادثة رائعة بين أم وابنها..., كان الابن, وهو في الصف الخامس الابتدائي يريد أن يأخذ مصروفاً يومياً إلى المدرسة خمساً وعشرين ليرة سورية بدلاً من عشر ليرات التي تعطيه إياها والدته, وكان يرى ما تعطيه والدته بخساً لحقوقه,
فأصدقاؤه في المدرسة ينفقون خمسين وأربعين ليرة, ولأقلهم من ينفق خمساً وعشرين ليرة, فلم لا يكون مثل أصدقاؤه...؟
كان جواب الأم رائعاً حكيماً إذ قامت إلى محفظتها وأحضرت منها خمسين ليرة, ودفعتها إلى ولدها وهي تقول له : تصرّف بها كما تشاء... وبالطبع انطبعت ابتسامة النصر على وجه الطفل, وهرع إلى أمه يقبلها بفرح, ولكن الأم الواعية أخذت تسرد على مسامع ابنها قصص كثيرة من الفقراء لا يجدون لقمة العيش, حتى أن بعض هذه العائلات تجعل لأولادها دوراً في تناول الغداء أو العشاء أو الفطور..., فمن تناول غداء اليوم لا عشاء له , ومن تناول العشاء لا فطور له وهكذا... وكانت خاتمة الحديث آية كريمة هي قوله تعالى : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) .
وبينت من خلالها لطفلها أن ما يفعله أصدقاؤه هو نوع من التبذير المحرم, وأنهم بذلك يكونون إخوة للشياطين, خاضعين لسيطرته ووسوسته, وأنهت الأم حديثها بذلك, وقامت لتكمل ما عليها من مهام ولكن طفلها استوقفها قائلاً : أمي أنا لا أريد الخمسين ليرة , ادفعيها للفقراء, أنا لا أريد أن أكون أخاً للشيطان. ولا أجد أروع من الدعاء الذي علمنا الله تعالى إياه, على لسان المؤمنين المتضرعين : ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) - سورة الفرقان:74-
ويالها من كلمات يتوجه بها المؤمن إلى ربه عز وجل, بإخلاص وإنابة وخشوع, وقد استودعه زوجه وأولاده , فهو وحده من لا تضيع عنده الودائع, وإليه وحده الأمر من قبل ومن بعد, وهو وحده المستعان, وعليه التكلان, وإليه يبث المشتكى والمرتجى..
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ولا أكثر.. , وأصلح لنا أمرنا كله.. | |
|
راغب المصرى المدير العام
عدد المساهمات : 3804 نقاط : 4354
السٌّمعَة : 42 تاريخ الميلاد : 24/10/1984
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
العمر : 40
الموقع : القاهرة- المعادى
العمل/الترفيه : مهندس اتصالات وطاقه نوويه
المزاج : الحمد لله
الأوسمة : . : .. : ... : .... :
| موضوع: رد: الام وتربية الاولاد السبت 28 يناير 2012, 10:02 pm | |
| اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يعطيك اكثر من امانيك ويحفظ عليك دينك وعافيتك ويديم عليكم نعمه وستره وواسع رحمته وفضله وأن ينظر اليك نظرة رضى لا يعقبها سخط أبدا .. وأن يلبسك ثوب العافية لا ينزعه عنك ابدا .. وأن يرزقك رزق حلالا لا ينقطع عنك أبدا .. وجميع المسلمين اللهم آمين
| |
|
نور الله إدارية
عدد المساهمات : 4662 نقاط : 5502
السٌّمعَة : 40 تاريخ الميلاد : 11/01/1976
تاريخ التسجيل : 08/10/2011
العمر : 48
العمل/الترفيه : فوتوشوب
المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: الام وتربية الاولاد السبت 28 يناير 2012, 10:15 pm | |
| | |
|
amira_sonia مديرة المنتدى
عدد المساهمات : 4481 نقاط : 5834
السٌّمعَة : 13 تاريخ التسجيل : 31/10/2011
المزاج : أًحٍنُ .. إٍلًى خُبْزٍ أُمٍي وًقًهْوًة أٌُمٍي وًلًمْسًةٍ أُمِي ..وً تًكْبُرُ فٍيً الطُفُولًةُيًوْماًً عًلًى صًدْرٍ أُمٍي وًأًعْشًقُ عُمْرٍي لأًنٍي إٍذًا مُتُّ أًخْجًلُ مٍنْ دًمْعٍ أُمٍي !
الأوسمة : . : .. : ... : .... :
| موضوع: رد: الام وتربية الاولاد الثلاثاء 31 يناير 2012, 8:45 pm | |
| | |
|